البروفيسور عارف عوض الركابي يكتب: يا (القرّاي) ما (تنجُر) (ساي) !!

كتبه : عارف عوض الركابي

جاء في (قاموس اللهجة العامية في السودان) للبروفيسور عون الشريف قاسم رحمه الله في بيان كلمة (ساي) قوله : (ده كلام ساي أو ساهي ، وقد تكون اختصاراً لساكت ، أي مجرد كلام ، فقط أي ترخيم ساكت) ، كما أورد في مادة (نَجَر) قوله : (نَجَر ثمر مُر المذاق ، قال البقاري : شنو اللمَّ الليمون مع النَّجَر ، منجور : خرز أسود منقط بنقط بيض صغير الحجم فيه حروشة وعدم إتقان في صناعته) انتهى.

قلتُ :
قد يستغرب قراء عمود (الحق الواضح) من عنوان هذا المقال الذي استخدم كلمات (عامية) وهو ما لم يعتادوا عليه ، فأقول : إن (المضمون) و(الأسلوب) لكثير مما ابتلينا به من مقاطع شاهدناها في الفترة الماضية لعمر القرّاي ينضح (جهالات) و(ضلالات) و(انحرافات) يوردها ويلقيها دون حجج علمية ؛ بل هي تخبر بــ (التناقضات) (الواضحات) مع أسلوب وطريقة في الطرح والعرض تنبي عن المستوى العلمي الفقير والمتواضع جداً للمتحدث ؛ فرأيت أن المناسب معها استعمال هذين المصطلحين (النَّجِر و ساي) !! ومصطلح (النّجِر) كنت قد استخدمته في مقال من حلقتين بعنوان (نّجِر عز الضُّهُر) نشر في الرد على المنافح عن الشيعة الروافض عبد الرحيم محي الدين الذي جاء يكتب في صحيفة الانتباهة وطرح انحرافات كثيرة ورددت عليه بعدد من المقالات انقطع بعدها عن الكتابة بالصحيفة بعد أن نثر من كيسه أنواعاً من السباب والشتائم .

أقول :
لقد شاهد في الأيام الماضية شعب السودان المسلم مقاطع مرئية كثيرة يتحدث فيها الدكتور عمر القراي تلميذ المقتول (ردّة) محمود محمد طه ، وحامل لواء التبشير بمعتقدات الفكر الجمهوري (البائد) التي رفضها أهل السودان بفطرتهم في القديم والحديث ، وما شاهده الناس في تلك المقاطع تضمَّن كثيرٌ منه ما يناقض القرآن الكريم وثوابت المسلمين وما أجمعوا عليه ، كطعنه في القرآن المدني في تشريعاته ودعوى نسخه بالقرآن المكي !! وإخباره عن عدم تحفيظ القرآن الكريم في رياض الأطفال ودعواه أن سورة الزلزلة تخيف الأطفال ، ودعواه أن إيمان الصحابة بدائي وسيأتي من هم أفضل منهم ، ودعواه أن البشر خلقوا من القرود تبعاً لنظرية التطور ، وطعنه في العقيدة الإسلامية وأنها ستنتهي حيث تكون الإنسانية هي الرابطة بين البشر جميعاً ، وما ادعاه من أن المسلمين سيجدون البوذيين والنصارى واليهود في الجنة ، وأن المسلم الذي لا يصدق في تعامله مع الناس يكون النصراني أفضل منه ، وغير ذلك مما هو ردٌّ صريح لما ثبت في القرآن الكريم وأجمع عليه المسلمون ، وما تضمنته تلك المقاطع هو استفزاز قبيح للمسلمين في السودان وقدح في ثوابتهم وشعائرهم ، ودون القرَّاي الاطلاع على ما ينشر في الإنكار على ضلالاته من كافة أطياف المجتمع السوداني بدءاً من الأطفال وحتى الكهول مما ينشر في كافة وسائط التواصل الاجتماعي شعراً ونثراً مسموعاً أو مقروءاً أو مرئياً.

وإن من المؤسف جداً أن يتحدث هذا القرّاي من منبر (سونا) للأنباء ويوجّه خطابه لأهل السودان المحتفين بالقرآن الكريم وحفظه وحفظته على مر القرون السابقة ، أهل السودان أهل الخلاوي الممتدة في كل المدن والقرى ، أهل السودان الذين تمتلئ مساجدهم في العطلات بطلاب المدارس والجامعات يحفظون القرآن الكريم ، أهل السودان الذين يتنافس أهل المال فيهم في إنشاء وإعمار مراكز تحفيظ القرآن الكريم ، وتتنافس نساؤهم وفتياتهم في الأحياء في سائر المدن وفي القرى في حفظ القرآن الكريم والتعاون على ذلك ، إن من المؤسف جداً أن يصرخ هذا القرّاي ومن خلال هذا المنبر – متحدياً – من يأتيه بآية من القرآن الكريم أو حديث من النبي صلى الله عليه وسلم فيه الأمر بحفظ القرآن الكريم !! فيا لمصيبة أهل السودان الذين يساهمون في تعليم الشعوب القريبة والبعيدة من علو صوت (الجهالة) هذا فيهم ، ويا لحسرتهم !!

أقول :
يا لها من جهالة نشرها عبر وسائل الإعلام صاحبها وهو غير مبالٍ بحجم ضلالته ، إذ هي حديث بلا بينة ولا برهان وإنما هي (نَجِر) (ساي) !!

ومع أن توضيح الواضحات قد يكون من الأمور الصعبة ؛ فإن الحث على حفظ القرآن الكريم من المعالم الواضحة في الشريعة الخاتمة ، لكن للرد الموجز على هذه (الجهالة) أورد ما يلي :

قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49) سورة العنكبوت.

ومما أورد من كتب التفسير ما يلي :
1/ قال العلامة القرطبي المالكي في تفسيره : (وهي كذلك في صدور الذين أوتوا العلم ، وهم أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنون به، يحفظونه ويقرءونه. ووصفهم بالعلم ، لأنهم ميزوا بأفهامهم بين كلام الله وكلام البشر والشياطين).

2/ وقال الحافظ ابن كثير الشافعي : (أي: [هذا] القرآن آيات بينة واضحة في الدلالة على الحق، أمرًا ونهيًا وخبرًا، يحفظه العلماء، يَسَّره الله عليهم حفظًا وتلاوةً وتفسيرًا، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }.

3/ ونقرأ في تفسير الإمام البغوي : ({بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ} قال الحسن: يعني القرآن آيات بينات، {فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } يعني المؤمنين الذين حملوا القرآن).

4/ وفي تفسير العلامة السعدي : (أي: { بَلْ } هذا القرآن { آيَات بَيِّنَات } لا خفيات، { فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ } وهم سادة الخلق، وعقلاؤهم، وأولو الألباب منهم، والكمّل منهم. فإذا كان آيات بينات في صدور أمثال هؤلاء، كانوا حجة على غيرهم، وإنكار غيرهم لا يضر، ولا يكون ذلك إلا ظلماَ، ولهذا قال: { وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا الظَّالِمُونَ } لأنه لا يجحدها إلا جاهل تكلم بغير علم، ولم يقتد بأهل العلم، وهو متمكن من معرفته على حقيقته، وإما متجاهل عرف أنه حق فعانده، وعرف صدقه فخالفه).

5/ ونقرأ في تفسير علامة اليمن الشوكاني والتفسير المنسوب للطبراني وغيرهما :
({ بَلْ هُوَ ءايات بينات } يعني : القرآن { فِي صُدُورِ الذين أُوتُواْ العلم } يعني : المؤمنين الذين حفظوا القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم ، وحفظوه بعده).

قلت :
من القواعد المعلومة المعروفة في اللغة العربية أن من أساليب (الأمر) أن يرد بصيغة (الخبر) ، فإن الخبر قد يرد ويراد به (الأمر) و(الطلب) وهو أسلوب لغوي معروف ، وفي الكتاب والسنة شواهد كثيرة لذلك ، منها قوله تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) أي ليرضعن ، وقوله تعالى : (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) وغير ذلك.

وكما أن ما ذكرته أعلاه يرد على القرّاي جهالته التي طرحها من خلال منبر (سونا) للأنباء !! يرد عليه تحديه (المفضوح) من عدم وجود نصوص في القرآن والسنة تأمر بحفظ القرآن الكريم ، وما تقدّم يبيّن جهله الواضح بالقرآن الكريم فكذلك هو من السنة النبوية فقير!! وإن من يعلم مكانة القرآن الكريم والسنة النبوية في الفكر الضلالي (الظلامي) الزائغ المنحرف المسمى بــ (الجمهوري) لا يستغرب من نشر مثل هذه الجهالات دون حياء أو خجل.

*في شرحه للحديث الذي رواه البخاري ومسلم وهو حديث طويل جاء فيه طلب أحد الصحابة الكرام رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه امرأة كانت طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها وفي آخر الحديث : (….فرآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موليا فأمر به فدعى فلما جاء قال :
« ماذا معك من القرآن ». قال : معى سورة كذا وسورة كذا – عددها. فقال : «تقرؤهن عن ظهر قلبك ». قال نعم. قال « اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن ».
قال الشيخ العلامة ابن عثيمين في شرح هذا الحديث : (فزوّج النبي صلى الله عليه وسلم الرجل بما معه من القرآن يعلِّمها إياه ، وفيه دليل على فضيلة حفظ القرآن ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله : أتحفظ شيئاً من القرآن ؟ قال : نعم ، ولا شك أن حفظ القرآن من أفضل الأعمال ، فينبغي للإنسان أن يحرص على حفظه بقدر ما يستطيع).

ثم قال الشيخ رحمه الله في الفائدة السادسة من فوائد الحديث : ( 6- فضيلة حفظ القرآن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله : هل حفظت شيئاً من القرآن ؟ فأفاد – ولا شك أن حفظ القرآن من نعم الله على العبد ، فإذا رزقه الله تعالى حفظ القرآن صار يقرأ وهو على فراشه ، وهو قاعد ، وهو قائم ، وهو يمشي ، وكل هذا حسنات يكتسبها …) انتهى.

ولو تأمل المتأمل في أمر الشرع بأن يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، ولو تأمل المتأمل لطريقة دفن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الكرام يوم غزوة أحد وتقديمه في اللحد عندما دفنوا فيه جماعة للأكثر حفظاً للقرآن الكريم لكفاه ولأدرك بذلك وغيره حجم هذه (الغوايات) التي بات يصرخ بها في أرضنا هذا القرَّاي !!

أختم وأقول :
قال الله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ).

RSS
Follow by Email
Share
alsancak escort
kartal escort
Kamagra
Mrcasino