بروفيسور عارف عوض الركابي يكتب: ردٌّ على (هرطقة) علماني

بروفيسور عارف عوض الركابي

قال علماني منهزم في مقال عنون له بـــ(نحو مدارس علمانية التحدي الملحّ الذي يواجه المهاجرين في الغرب):

(حكى لي صديق سوداني مقيم في بريطانيا كيف أنه سمح لابنته الصغيرة أن تذهب لدروس مدرسة عربية إسلامية في حيّه. وجاءته ابنته بعدها بأيام وسألته: “هل صحيح أن غير المسلمين سيذهبون للنار؟” وارتاع الأب وسألها: “من قال لك ذلك؟” فأجابت: “معلمنا في مدرسة العربي.” وقرّر على الفور سحبها من المدرسة. ولا شك أن قراره كان عين الصواب، إذ أنه حمى ابنته ومستقبلها من فكرة كان من الممكن أن تقيم حاجزا سميكا بينها وبين من يحيطون بها في بلد أصبح وطنها ويتميز بتنوعه الديني وتسامحه الذي لا يوجد نظير له في أي بلد مسلم .سحب صديقي ابنته من المدرسة العربية الإسلامية لأنه لمس في الحال التشوّه الذي من الممكن أن يلحق بوعيها ..).
انتهى كلامه ..

قلتُ : سبحان الله !!
وماذا كان ينتظر هذا العلماني أو والد تلك البنت أن تتعلّمه من مدرسة إسلامية تدرّس مبادئ الإسلام وأركانه وأركان الإيمان ؟!
هل كان الكاتب ينتظر أن يعلّم المسلم الطلاب بأن الكفّار يدخلون الجنة ؟! – والعياذ بالله – أم ماذا ؟!
أم ينتظر أن يتعلّموا أن النصراني واليهودي والوثني والهندوسي والمجوسي من المؤمنين ؟!!
إن ما صدّر به الكاتب مقاله لهو ضلال مبين ، ونهاية في الغواية ، والمصيبة أنه وضع في أسفل المقال وصفه بأنه عمل بإدارة مركز لمقارنة الأديان !!
فهل خفي على الخبير في مقارنة الأديان أن الحكم بكفر كل من لم يؤمن بدين الإسلام وبالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وأنه كافرٌ ومخلّدٌ في النار هو من عقيدة المسلمين ؟!!
وهل جهِل الأستاذ السابق بجامعة الخرطوم أن هذا الحكم من ثوابت دين الإسلام ؟!
وهل غاب عنه آيات القرآن الكريم التي تبيّن أن الكفّار خالدون في النار ؟!
ثم كيف يتيه الخبير في مقارنة الأديان عن فهم المسلمين لمعنى أن الكفار مخلدون في النار إن ماتوا على كفرهم وفي ذات الوقت يجوز التعامل معهم في أحكام الدنيا بيعاً وشراء وإجارة ورهناً وجواراً وصلحاً وعهداً وسلماً وحرباً وأجاز الإسلام زواج المسلم بالكتابية كما أجاز أكل طعامهم .. فالشهادة بكفرهم أمرٌ من ثوابت الدين الإسلامي وفي ذات الوقت بيّن الإسلام أصول وقواعد وأحكام التعامل مع الكفار ..

ومن باب إفادة الكاتب ومساعدته لإصلاح الخلل أقول :إن كل من لم يؤمن بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام فإنه (كافر بالله) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151). وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) رواه مسلم.

هذا مما ورد في دين الإسلام في حكم الكفار –عموماً – وأما ما ورد في شأن النصارى خصوصاً فأورد منه ما يلي :

لمعرفة ما دلّ عليه القرآن والسنة في حكم النصارى فليطلع العلماني الأستاذ السابق بكلية الآداب جامعة الخرطوم !! على ما ورد في القرآن الكريم فإنه سيجد قول الله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76).

ولمساعدة الكاتب العلماني على فهم هذه الآيات المباركات أورد ما ذكره العلامة السعدي في تفسيره حيث قال: (يخبر تعالى عن كفر النصارى بقولهم: { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ } بشبهة أنه خرج من أم بلا أب، وخالف المعهود من الخلقة الإلهية، والحال أنه عليه الصلاة والسلام قد كذبهم في هذه الدعوى، وقال لهم: { يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ } فأثبت لنفسه العبودية التامة، ولربه الربوبية الشاملة لكل مخلوق. { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ } أحدا من المخلوقين، لا عيسى ولا غيره. { فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } وذلك لأنه سوى الخلق بالخالق، وصرف ما خلقه الله له – وهو العبادة الخالصة – لغير من هي له، فاستحق أن يخلد في النار. { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } ينقذونهم من عذاب الله، أو يدفعون عنهم بعض ما نزل بهم.
{ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ } وهذا من أقوال النصارى المنصورة عندهم، زعموا أن الله ثالث ثلاثة: الله، وعيسى، ومريم، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

وهذا أكبر دليل على قلة عقول النصارى، كيف قبلوا هذه المقالة الشنعاء، والعقيدة القبيحة؟! كيف اشتبه عليهم الخالق بالمخلوقين ؟!
كيف خفي عليهم رب العالمين؟!
قال تعالى -رادا عليهم وعلى أشباههم -: { وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ } متصف بكل صفة كمال، منزه عن كل نقص، منفرد بالخلق والتدبير، ما بالخلق من نعمة إلا منه. فكيف يجعل معه إله غيره؟” تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.ثم توعدهم بقوله: { وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . ثم دعاهم إلى التوبة عما صدر منهم، وبين أنه يقبل التوبة عن عباده فقال: { أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ } أي: يرجعون إلى ما يحبه ويرضاه من الإقرار لله بالتوحيد، وبأن عيسى عبد الله ورسوله، عما كانوا يقولونه { وَيَسْتَغْفِرُونَهُ } عن ما صدر منهم { وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي: يغفر ذنوب التائبين، ولو بلغت عنان السماء، ويرحمهم بقبول توبتهم، وتبديل سيئاتهم حسنات.

RSS
Follow by Email
Share
alsancak escort
kartal escort
Kamagra
Mrcasino