أخي السمسار احذر هذا المسار

هذه رسالة أوجهها إليك أخي السمسار، من أخٍ يحب لك ما يحبه لنفسه من الخير، فإن من المعلوم في شريعة الإسلام أنه لا يكتمل إيمان العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير.

أخي الفاضل السمسار:

كن على ثقة أن من سطّر لك هذه السطور يدعو لك بالتوفيق والسعادة في الدارين، ويبتهل إلى الله تعالى أن يرزقك الرزق الحلال الوفير والمال الكثير، وأن يجعل ذلك عونًا لك على طاعة الله ومرضاته، وقد قال النبي غ: «نعم المال الصالح للمرء الصالح» [رواه الإمام أحمد وغيره].

وقبل أن أسطر لك كلمات رسالتي هذه فإنه يتحتم علي أن أنبه بهذين التنبيهين المهمين:

التنبيه الأول:

أرجو ألا يتطرق إلى ذهن أحدٍ من القراء الكرام أني أريد بهذا المقال تحريم العمل بـ: (السمسرة) في أصله ومبدئه، كلا، فإن من المعلوم أن الفقهاء قد بينوا أن من يتوسط بين البائع والمشتري ويأخذ مقابل ذلك مبلغًا محددًا من المال أن عمله هذا جائز وكسبه حلال، ويذكرون هذه المسألة في باب (الجُعالة) من أبواب الفقه، وقد بينوا بتفصيلٍ كل ما يتعلق بما يعرف بـ (السمسرة) في ذلك الباب من كتبهم، وأنه يجب على السمسار أن يلتزم بالشروط التي يشترطها البائع والمشتري، طالما كانت تلك الشروط لا تخالف الشريعة، وقد قال النبي غ: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرّم حلالًا» [رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما].

وقد قال الإمام البخاري رحمه الله: «لم يرَ ابن سيرين وعطاء ابن أبي رباح وإبراهيم النخعي والحسن وسواهم بأمر السمسار بأسًا».وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري شرح صحيح البخاري): «وكأن المصنف ـ ويقصد الإمام البخاري ـ أشار إلى الرد على من كرهها».

التنبيه الثاني:

كما أرجو ـ أيضًا ـ ألا يفهم ـ خطًا ـ أحدٌ من القراء بأني أعمم برسالتي على (جميع السماسرة) وكل من يعمل بالسمسرة، وهذا الفهم ـ إن حصل ـ غير صحيح، فإن ما سأذكره من مخالفات شرعية وتصرفات هي مما يصدر من (بعض) السماسرة وليس من (الكل)، إلا أنه مع الأسف أصبحت تصرفات من يخطئ ـ وإن كانوا البعض ـ هي السائدة، والأكثر شهرة .

فأؤكد أني أقصد برسالتي هذه (بعض) من يعملون بالسمسرة وليس الجميع، فإن الكثيرين من السماسرة يتحرون الصدق والأمانة وتحقيق تقوى الله تعالى في تعاملاتهم ـ وهذا هو الأصل ـ أسأل الله تعالى لهم الثبات والتوفيق.

ومع ذلك فإني آمل أن تصل رسالتي هذه إلى جميع من يعمل بالسمسرة ويتكسب بها، والحق ضالة المؤمن أنى وجده أخذ به ولزمه.

وبعد هذين التنبيهين المهمين فإني أشرع في تسطير رسالتي إليك أخي السمسار، وأضع كلماتي في وقفتين:

الوقفة الأولى:

تجنب أخي السمسار الوقوع في (الكذب)، فإن بعض السماسرة يقعون في الكذب ويدفعهم إلى ذلك: الحرص على إتمام وإنفاذ البيع الذي يتوسطون فيه، أو الحرص على أن لا يتم البيع إلا عن طريقهم، أو تزيين السلع التي يقومون بتسويقها، حتى يتم لهم التوصل إلى نصيبهم من المال.

ألا تعلم أيها السمسار أن الكذب من الخصال الذميمة والصفات السيئة؟! بل هو من صفات المنافقين! قال الله تعالى عن المنافقين: ﴿ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ﴾ [المجادلة:14]، وقال سبحانه عنهم: ﴿ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ﴾.

وقال النبي غ: «أربع من كن فيه فهو منافق خالص، ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» [رواه البخاري ومسلم]. أترضى أيها السمسار أن تكون فيك صفات أهل النفاق؟!

لماذا تقع في الكذب وقد علمت أن النبي غ قال: «إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا» [رواه البخاري ومسلم].

هل وعيت هذا الوعيد العظيم؟!

إني أدعوك يا من يقع في الكذب ليتحقق له ما يريد من مكاسب، أدعوك إلى أن تقف مع نفسك وقفة صادقة وتقارن بين ما تحصل عليه من (حفنة) من المال قد مُحِقَت بركتها بسبب الكذب، وبين النار وغضب الجبار.

إنه مسار كله وعيد وأخطار، فهو طريق إلى النار، وهي دار الخزي والنكال والبوار.

هل ترضى لنفسك أن تكون أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؟ وهم: «المسبل إزاره والمنفِّق سلعته بالحلف الكاذب والمنان بعطائه»، والحديث في صحيح الإمام مسلم.

ولا أظن أني بحاجة إلى أن أستطرد لأذكر نماذج من الكذب الذي يقع فيه الكثيرون من السماسرة في أسواقنا السودانية المختلفة، ولكن لا بأس من الإشارة بذكر بعض تلك النماذج:

ë إن بعض السماسرة يغرر ببعض المشترين ويقول له: «هذه السلعة دفعوا فيها المبلغ الفلاني» أو «جابت كده» ويحدد مبلغًا بعينه، ويكون الواقع خلاف ذلك، أو يقول: «يريد أن يشتريها الشخص الفلاني وإذا تأخرت سيسبقك لشرائها»، وقد لا يكون هناك من في نيته الشراء فضلًا عمن يكون قد عزم على الشراء.

ë وأحيانًا يكون الكذب من السمسارعلى البائع، فيكذب ويقول له مثلًا: «ما حا تجيب سعر أكثر من كده» وقد يكون هو على علم من أن هناك من يريد شراءها بأكثر، ولكنه يريد أن تكون تلك الزيادة له، ويصبح ينسج خططًا لكي تكون تلك الزيادة خالصة له من دون الناس.

ë وقد يحصل العكس فيكذب على البائع بأن قيمة السلعة أكثر مما دفع فيها، أو يزيد على المشترين ويضع مبالغ من عنده (خرافية) ويقول لهم: «هكذا يريد البائع»، وسيأتي بيان ذلك بتفصيل في الوقفة الثانية.

ë وقد يكذب على البائع بأن يقول له: «الشركة الفلانية دفعوا المبلغ الفلاني»، والواقع أنه ليست هناك شركة ولا خلافه، وإنما هو إيهام، وينتج عن ذلك أن يعتذر البائع للمشترين الحقيقيين، لينتظر سرابًا بقيعة يحسبه ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا!! وحتى يضمن السمسار استمرار تخصيصه بعرض السلعة دون غيره من السماسرة، يصبح يرص كل يوم (بلكات) من الكذب!! فيقول لهذا الأسبوع: «المدير بتاع الشركة مسافر وحا يجي بعد أسبوع»، وبعد مضي الأسبوع يتجرأ على كذبة أخرى هي أكبر من أختها، فيقول للبائع المسكين الضحية المنتظر: «الشيك في التوقيع وأيام وتقبض»، وهكذا دواليك، ولعاب الأخ البائع قد سال، وخطط ورسم وقسم المبلغ في خياله ونفذ مشروعاته، وهو لا يعلم أنه بين يدي كذاب أفاك لم يتق الله فيه، فلعب به يمينًا ويسارًا حتى تباع السلعة عن طريقه هو فقط.

فلا بارك الله في رزق يكون بطريق الكذب، وهذه الحيل الملتوية، واللف والدوران، والخديعة لعباد الله، فلتنأ ولتبتعد بنفسك أخي السمسار عن هذا المسار، فإنه ـ بلا شك ـ مورد للنار، وبئس دار القرار.

الوقفة الثانية:

هل تعلم أخي السمسار أن نبينا محمدًا غ قد قال: «لا ضرر ولا ضرار»؟! [رواه الإمام مالك والإمام أحمد وابن ماجه وعبد الرزاق وغيرهم]، وقد ورد مرسلًا، وفي بعض الروايات موصولًا عن أبي سعيد الخدري ت.

هل علمت أن الإضرار بالنفس أو إخوانك المسلمين محرم في الشريعة الإسلامية؟!

هلا قبلت يا أخي وصية نبيك الناصح الأمين، ونأيت بنفسك بل واجتهدت في أن لا تضر أحدًا من المسلمين؟

وقد ورد في رواية الدراوردي لهذا الحديث زيادة: «من أضر أضر الله به، ومن شاق شاق الله عليه».

إن إيقاع الضرر بإخوانك هو من الظلم المحرم، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا» [رواه مسلم].

وقال النبي غ: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»، وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: «الظلم ظلمات يوم القيامة».

لماذا توقع الضرر بإخوانك المسلمين؟! ألا تتقي الله تعالى فيهم؟ ألا تخاف من مغبة هذا الظلم وعاقبته عليك في العاجل و الآجل؟!

وقد تتساءل ـ وحق لك طرح سؤالك ـ أين الضرر الذي يقع مني؟ وما هي الأعمال التي أقوم بها وتؤدي إلى الإضرار بالغير؟.

وللإجابة على هذا التساؤل أذكر لك هذا المثال ثم أدعك لتحكم بنفسك:

يقول البائع للسمسار: بع لي هذا العقار بمائة ألف جنيه، ثم يقوم السمسار بعرض العقار، ويأتيه مشترون ويدفعون المائة ألف أو مائة ألف وعشرة، إلا أن السمسار لا يُمضِي ذلك البيع ولا يخبر البائع، ويرد كل من يأتيه من المشترين، وذلك لأن الأسعار لم تُرْضِِ طموحاته، بل قل أطماعه!! ويبقى البائع في الانتظار وقد يكون مضطرًا للمال، وبحاجة ماسة إليه لشراء شيء معين، أو سداد دين، أو علاج مريض بالخارج، أو إخراج سجين بشيكات!! أو غير ذلك من الضروريات، وقد يكون العقار لأيتام، أو ورثة، وفي المقابل قد يكون المشتري مضطرًا وبحاجة إلى مأوى، أو ما أشبه ذلك، لكن أخانا السمسار يقول بلسان حاله: كل تلك المصالح تهون أمام مصلحتي، فلتذهب مصالحهم أينما تذهب، وليكبر لي نصيبي وعمولتي، مع أن هذا السمسار ـ في الغالب ـ يكون على علم بتفاصيل وخصوصيات البائع والمشتري، وعلى علم بأسباب البيع أو الشراء، إلا أن تلك الأسباب ـ مهما بلغت ـ فإنها لا تشفع لهما عنده ولا تحرك ساكنًا!! فما أقساه من قلب قد طمس بسبب الطمع!!

وقد علمت عن حادثة في هذا السياق، وكان البائع يريد خمسين ألفًا لسلعته وأخبر بعض السماسرة بذلك، وجاء من يريد الشراء ودفع اثنين وخمسين ألفًا، إلا أن البيع لم يتم، وبقي أكثر من ثمانية أشهر، وقد يسر الله تعالى أن التقى البائع والمشتري وتم البيع بينهما بالخمسين ألفًا، وكان البائع في فرحة وحبور، والمشتري في رضاء وسرور، إلا أن إخواننا السماسرة كانوا في حنق شديد، وغضب ووعيد، وهددوا بتعطيل البيع، والشكوى لدى القضاء، ليأخذ لهم حقهم ولينتصروا لتعبهم وجهدهم وعرقهم!! وإن شئت قل: لينتصروا لطمعهم وجشعهم وغشهم وخداعهم.

فكم يا ترى البيعات (المعطلة) التي ستتم وتنفذ إذا ما تم اللقاء بين البائعين والمشترين؟! وقد تعطلت زمنًا طويلًا بسبب بعض السماسرة؟! وحصل بسبب التأخير الضرر الكثير.

ألا توافقني أخي السمسار أن هذا من الضرر الذي يجب عليك ألا تقع فيه؟!

ومن الضرر الذي يحدث من بعض السماسرة ما يعرف في مصطلحاتهم بـ (القفلة)، والمقصود بها عندهم: إغراء السمسار للبائع بمبلغ (خرافي) (وهمي) لسلعته أو عقاره، فيقول له مثلًا: «جابت المبلغ الفلاني وسيدفع لك قريبًا»، ويشتهر بين السماسرة ومن بالسوق ذلك السعر، فيحجم ويمسك بعض من أراد الشراء بسبب ما سمعوا من مبلغ خرافي لا يستطيعون مجاراته، ويخدع هذا البائع ويصبح ينتظر وينتظر ثم بعد مدة من الزمان يتبين له أنه كان في (فخ محكم) وأن المبلغ الذي ذكر له ليس من الواقع بل هو من نسج الخيال، ومن كيس أخينا السمسار، ثم إذا أراد أن يبيع بالأسعار الواقعية والمتعارف عليها، لم يجد من يريد الشراء، فهل يحتاج ما حصل لهذا البائع من ضرر من هذا السمسار إلى توضيح؟!

وقد يكون الضرر من السمسار على المشتري، فيستشير المشتري السمسار إلا أنه لا يصدُقه ويبين له الحقائق، سواء في عيوب السلعة أو مناسبة السعر، وقد سئلت عن بعض المواقف وقد سمعت بالعجب العجاب وهي مآسٍ، منها: أن ينحي ويبعد السمسار المشتري ويأتي بمشترٍ آخر لأن عمولته ستزيد فلسًا أو فلسين!!

ومن الضرر الذي يلحق بالبائع والمشتري في وقت واحد، قيام بعض السماسرة بتعطيل البيع وإفساده، وذلك لأن البيع حصل على غير هواه، أو لم يتم الوفاء له ببعض أحلامه، وأمنياته التي كانت ضربًا من المبالغة .

ولا يخفى أن بعض السماسرة قد يعطل البيع ويفسده بسبب الخيانة التي وقعت عليه، إذ لم يقم البائع أو المشتري بإعطائه نصيبه كاملًا، وفي هذه الحال فإني أقول لهذا السمسار إن النبي غ قد أوصاك بقوله: «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» [رواه أبو داود والترمذي والحاكم وغيرهم]، فإذا خانك شخص فإن خيانته لك لا تبرر لك أن تخونه، وإنما عليك اللجوء إلى القضاء والجهات الرسمية لتأخذ لك حقك الذي قد سُلِب منك، أو أن تخبر من قد يتدخل في الأمر بطريق ودي ويصلح بينكما، أو أن تفوض أمرك لله، أو أن تعفو، فلك أن تختار من الطرق المشروعة ما تراه مناسبًا لك، أما أن تفسد البيع ويتحقق ضرر بسبب ذلك وقد يلحق الضرر بمن لا ذنب له، فإن الشريعة لم تبح لك الخيانة حتى على من خانك.

ومن العجائب والغرائب أن ضرر بعض السماسرة قد يتعدى إلى إخوانهم وزملائهم (الوسطاء)، فلا يراعوا أخوة المهنة التي تجمعهم والزمالة التي بينهم، وإذا أردت أن تقف على أقرب مثال يوضح لك الضرر القائم من بعض السماسرة على (زملائهم) فلك أن تسأل أي شخص يعمل في سوق السمسرة السؤال التالي:

ماذا يعني عندكم وفي مصطلحاتكم أيها السمسار مصطلح: (الكُوبري)؟!

وسيتضح لك من خلال إجابته، أن بعض السماسرة قد يخبرون بعض إخوانهم السماسرة بسلعة أو عقار معين ليكونوا عونًا لهم في تسويقه، على أن تحفظ العمولات لهم فيما بينهم، فيقوم بعض من تم إخبارهم من السماسرة ببيع السلعة إلا أنهم يريدون بيعها بدون علم السمسار الذي قام بدلالتهم عليها، فيصنعون ما يعرف بـ: (الكوبري) ويختارون شخصًا معينًا ثم يصلون إلى البائع (مباشرة) أو (وكيل البائع) عن طريق ذلك (الكوبري)، ويغدرون بأخيهم السمسار، عن طريق هذا الكوبري!!

إنه كوبري!! إلا أنه لا يوصل إلى بر الأمان والسلامة، ولكنه يوصل إلى مسار ونهاية الغادرين، فقد أخبر النبي غ بقوله: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة» [رواه البخاري ومسلم]. أي: راية يعرف بها بين الأشهاد .

فإن الغدر من صفات المنافقين ـ كما لا يخفى ـ لكن الطمع في الكسب والرغبة في الحصول على المال بأي مسار ـ وأيًا كان ـ أوصل هؤلاء السماسرة إليه، حتى غدروا بزميلهم ومن دلّهم على السلعة، وأضروا به!! فنال منهم جزاء سنمار بدلًا من الشكر والوفاء!!

أخي السمسار احرص على تحري الصدق وأداء الأمانة، واحذر الكذب والغش والخداع وإلحاق الضرر بإخوانك، ورزق قليل يبارك لك الله فيه خير من مال كثير ممحوق البركة، ولا يخفى عليك أن من كان كسبه من الحرام فإن دعاءه لا يستجاب، وترد دعوته عليه ـ وهي من أعظم العقوبات لمن عقلها، والعياذ بالله ـ .

واعلم أخي السمسار أن الناس متى ما وثقوا فيك وعلموا صدقك وأداءك للأمانة، حرصوا عليك وأسندوا إليك بيعهم وشراءهم، وكبرت نسبتك في المبيعات ودعوا لك بالخير وأعطوك عن طيب نفس بل أعطوك أكثر مما طلبت، وبارك الله لك فيما رزقك.

إن ما ذكرته هنا ـ وهو شيء يسير ـ مما يحدث كثيرًا ويتكرر، وليست هذه تصرفات أفراد أو حوادث قليلة وشاذة وإنما هي ـ للأسف ـ تصرفات متكررة وتكثر في أسواقنا وبين السماسرة في مجتمعنا السوداني، وإن رسالتي هذه لا أريد بها استقصاءً أوحصرًا للمخالفات التي تقع من (بعض) السماسرة، فهي كثيرة، وإنما هذه نماذج، أردت بذكرها النصح لكل من تصله رسالتي هذه، وأردت بها ـ أيضًا ـ التذكير لتقوم كل جهة من هذا المجتمع بدورها، فإن الجهات الرسمية عليها دور كبير في المحافظة على حقوق الناس ورفع الضرر عنهم، وحماية حقوقهم، وإن قاعدة (الضرر يُزال) من القواعد المتفق عليها بين المسلمين، والجهات الإعلامية ـ أيضًا ـ عليها دور في التوعية بمثل هذه الممارسات الخاطئة التي تنتشر بسبب الجهل أوالتقليد الأعمى أو الطمع في المال، كما أن العلماء والدعاة والوعاظ عليهم واجب عظيم في التحذير من هذه المسارات والتخويف منها، نصحًا للأمة وإبراءً للذمة، وكل أفراد المجتمع عليهم النصح بقدر استطاعتهم، حتى يطيب للناس معاشهم وتطيب لهم أعمالهم، ويعيشون في إخاء وتواد وتراحم.

وفي الختام، أقول لك أخي السمسار: هذا نصحي الذي سمح لي به المقام، وأرجو من الله تعالى الملك العلام أن تدخل إلى قلبك بسلام، وأن يجعلك ممن يتحرى طيب الطعام، ويلين ويصدق الكلام، ويعيش مع إخوانه في ود ووئام، ويدخل الجنة بسلام .

وصلى الله وسلم على خير الأنام وعلى آله وصحبه، ما بقي على الأرض فردٌ من الخلق والأنام.

RSS
Follow by Email
Share
alsancak escort
kartal escort
Kamagra
Mrcasino